سورة القصص - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القصص)


        


قوله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} أي: أحببت هدايته. وقيل: أحببته لقرابته، {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} قال مجاهد، ومقاتل: لمن قُدّر له الهدى، نزلت في أبي طالب قال له النبي صلى الله عليه وسلم: قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة، قال: لولا أن تعيرني قريش، يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع، لأقررت بها عينك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} مكة، نزلت في الحرث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف، وذلك أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لنعلم أن الذي تقول حق، ولكنا إن اتبعناك على دينك خفنا أن تُخرجنا العرب من أرضنا مكة. وهو معنى قوله: {نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}، والاختطاف: الانتزاع بسرعة. قال الله تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا} وذلك أن العرب في الجاهلية كانت تغير بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضًا، وأهل مكة آمنون حيث كانوا، لحرمة الحرم، ومن المعروف أنه كان يأمن فيه الظباء من الذئاب والحمام من الحدأة، {يُجْبَى} قرأ أهل المدينة ويعقوب: {تجبى} بالتاء لأجل الثمرات، والآخرون بالياء للحائل بين الاسم المؤنث والفعل، أي: يجلب ويجمع، {إِلَيْهِ} يقال: جبيت الماء في الحوض أي: جمعته، قال مقاتل: يحمل إلى الحرم، {ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أن ما يقوله حق.


قوله عز وجل: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} أي من أهل قرية، {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} أي: في معيشتها، أي: أشرت وطغت، قال عطاء: عاشوا في البطر فأكلوا رزق الله وعبدوا الأصنام، {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلا قَلِيلا} قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يسكنها إلا المسافرون ومارُّ الطريق يومًا أو ساعة، معناه: لم تسكن من بعدهم إلا سكونًا قليلا. وقيل: معناه: لم يعمر منها إلا أقلها وأكثرها خراب، {وَكُنَّا نَحْن، الْوَارِثِينَ} {إنا نحن نرث الأرض ومن عليها} [مريم- 40].
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى} أي: القرى الكافر أهلها، {حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا} يعني: في أكبرها وأعظمها رسولا ينذرهم، وخص الأعظم ببعثة الرسول فيها، لأن الرسول يبعث إلى الأشراف، والأشراف يسكنون المدائن، والمواضع التي هي أم ما حولها، {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} قال مقاتل: يخبرهم الرسول أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا، {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} مشركون، يريد: أهلكتهم بظلمهم.
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا} تتمتعون بها أيام حياتكم ثم هي إلى فناء وانقضاء، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ} أن الباقي خير من الفاني. قرأ عامة القراء: {تعقلون} بالتاء وأبو عمرو بالخيار بين التاء والياء.
{أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا} أي الجنةُ {فَهُوَ لاقِيهِ} مصيبه ومدركه وصائر إليهُ {كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ويزول عن قريب {ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} النار، قال قتادة: يعني المؤمن والكافر، قال مجاهد: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وأبي جهل. وقال محمد بن كعب: نزلت في حمزة وعلي، وأبي جهل. وقال السدي: نزلت في عمار والوليد بن المغيرة.


{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} في الدنيا أنهم شركائي.
{قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} وجب عليهم العذاب وهم رءوس الضلالة، {رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا} أي: دعوناهم إلى الغي، وهم الأتباع، {أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} أضللناهم كما ضللنا، {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ} منهم {مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} برئ بعضهم من بعض وصاروا أعداء، كما قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو} [الزخرف- 67].
{وَقِيلَ} للكفار: {ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ} أي: الأصنام لتخلصكم من العذاب، {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} يجيبوهم، {وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} وجواب {لو} محذوف على تقدير: لو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا ما رأوا العذاب.
{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} أي: يسأل الله الكفار، {فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11